الإدارة المالية بعيدا عن المبارزات اللغوية

في كثير من اجتماعات العمل داخل الشركات لا يكون الخلاف على القرار، بل على من يتكلم أكثر ومن يستخدم مصطلحات أكثر، ومن يدمج العربي بالإنجليزي بشكل يوحي بالسيطرة والمعرفة، هنا تتحول الاجتماعات إلى ساحة مبارزة لغوية
حيث تقاس كفاءة الاجتماعات هنا :  

• القوة بعلو الصوت
• بسرعة الرد
• بعدد المصطلحات المستخدمة، لا بعمق الفهم ولا بقدرة القرار على الاستمرار

وفي هذه اللحظة وهذا المشهد تختفي الإدارة ويختفي القرار ويبقى الحديث فقط

عندما تتحول الإدارة إلى استعراض

الخلل الحقيقي لا يكمن في استخدام المصطلحات، ولا حتى في اختلاف وجهات النظر، الخلل يبدأ عندما يصبح الحديث بديلا عن التفكير، ويصبح العرض بديلا عن القياس

في هذه البيئة لا يكون السؤال عن :

• لا يسأل هل القرار قابل للتنفيذ
• لا هل تتحمل الشركة تكلفته
• لا ما أثره على التدفق والسيولة

بل يسأل فقط من قاله، وكيف قاله، وبأي لغة قاله، وهنا تفقد الإدارة معناها وتفقد القرارات وزنها

مصادر موثوقة : القيادة الفعّالة والإدارة المالية الواقعية

أين توضع الإدارة المالية في هذا المشهد

في كثير من الشركات يتم اختزال الإدارة المالية في دور ضيق قبض وصرف، تقارير، إغلاق فترات، مركز مالي، وينظر إليها كوظيفة تشغيلية، لا كعقل قياس، ولا كمرجعية قرار

وعند فشل القرار يتم الرجوع إليها لا للسؤال لماذا لم نر هذا مبكرا، بل لتحميلها مسؤولية نتيجة لم تشارك في صناعتها هذا ليس تهميشا متعمدا دائما لكنه سوء فهم عميق لدورها الحقيقي

الدور الحقيقي للإدارة المالية

الإدارة المالية الاستراتيجية لا تتعامل مع الرقم بوصفه رقما، ولا مع القرار بوصفه أمرا واقعا، بل هي إدارة تبحث دائما عمّا وراء الأرقام، تسأل لماذا، وكيف، وإلى متى، لا تمرر رقما لمجرد أنه صحيح حسابيا، ولا توافق على قرار لمجرد أنه صادر من سلطة أعلى، بل تقف، تنظر، تحلل، وتقيس

ليس بهدف التعطيل، بل بهدف الحفاظ على حياة الشركة، لإدارة المالية تفهم أن استمرار التدفق هو استمرار الشركة
وأن انقطاع السيولة ليس رقما سلبيا في تقرير، بل تهديد مباشر للاستقرار

مصادر موثوقة : مصادر ودورات في الإدارة المالية التحليلية

الإدارة المالية لا تنتمي إلى عالم المبارزات اللغوية

الإدارة المالية ليست إدارة خطاب، ولا إدارة عرض، ولا إدارة إقناع هي إدارة نتائج

لا تدخل في استعراض المصطلحات، ولا في صراع الأصوات لأنها في النهاية تتحمل تكلفة القرار لا صوته

حيث ان كل قرار توافق عليه هو التزام، وكل رقم تمرره هو مسؤولية تمتد آثارها لسنوات، لهذا تفكر الإدارة المالية في الاستمرارية قبل أن تفكر في الانتصار اللحظي داخل الاجتماع، لذلك هذا ليس موقفا ولا دفاعا ولا رد فعل بل طبيعة دور يغفل عنه الجميع

من الشركة إلى الإنسان

عندما تحافظ الإدارة المالية على استمرارية الشركة فهي لا تحافظ على كيان قانوني فقط، وانما هي تحافظ على استقرار الموظفين وأمان دخلهم وقدرتهم على التخطيط لحياتهم

حيث ان الاستقرار المالي داخل الشركة ينعكس مباشرة على الحياة الشخصية للموظفين وعلى أسرهم وعلى المجتمع المحيط بهم، فمن هنا ومن هذه النقطة وذلك للتأكيد يصبح دور الإدارة المالية دورا استراتيجيا طويل الأجل يهتم بالرفاهية الداخلية قبل أن يفكر في الأرقام الظاهرة

لمن يقرأ هذا المقال

إذا كنت صاحب شركة فالإدارة المالية ليست عبئا، بل مرآة تكشف لك القرار قبل أن يتحول إلى تكلفة

وإذا كنت مهنيا في طريقك للتطور فدورك لا يكتمل بحفظ الأدوات، بل بفهم المنهج

وإذا كنت خريج أو في بداية الطريق، فلا تبدأ بالأرقام، ابدأ بالفهم والا ( الفهم قبل التنفيذ ) اجعله منهجك

الإدارة المالية خارج الشركة

الإدارة المالية ليست حكرا على المؤسسات هي طريقة ومنهجية تفكير، لذلك فهي نفس منطق القرار ونفس منطق الأولويات ونفس فهم التدفق
لذلك يجب أن يكون هذا المنهج حاضرا في الحياة الشخصية، فمن لا يفهم المال في حياته لن يفهمه في عمله

بالنهاية

الإدارة المالية ليست :

• دفترا
• ليست تقريرا
• ليست وظيفة صامتة

بل هي :

• عقل استراتيجي
• فلسفة قرار
• ضمان لاستمرارية الحياة داخل الشركة

وهذا هو المنطلق الذي يبنى عليه كل ما سيأتي لاحقا

الاسئلة الشائعة حول دور الادارة المالية